كنت فاكر إن القناعات من الحاجات اللي بتتغير بصعوبة، زي ما تكون جبل محتاج شهور من الحفر عشان يتحرك. لكن اللي حصل معايا قلب فكرتي دي 180 درجة.
كل اللي عملته إني جربت فكرة جديدة لمدة أسبوع واحد بس، ومن غير ما أحس، لقيت قناعة كانت عندي بقالها سنين، بتنهار وبيتبني مكانها واحدة جديدة.
علي مدار السنين اللي فاتت غيرت كتير من قناعاتي بنفس الطريقة وانا مش واخد بالي.
حسيت اني توصلت لاكتشاف لما عرفت السبب. بس هو مش اكتشاف خالص. دي حاجة قديمة جدا بس للاسف اصبحت غايبة عن معظمنا. وبسببها بقينا حاسين ان العالم قاعد بيتغير حوالينا بسرعة ومستغربين هو احنا ليه مش قادرين نتغير بنفس السرعة؟
المشكلة اننا فقدنا كتير من فضول التجربة والاستكشاف.
التجربة أقوى من التفكير
أنا كنت مدمن قهوة. الصبح، بعد الغدا، بالليل… مش فارقة.
بشربها وانا فايق وبشربها وانا تعبان.
لحد ما سمعت معلومة: "لو بطلت قهوة بعد الساعة ٣ العصر، نومك هيبقى أعمق، وطقتك هتزيد."
المعلومة منطقية، لكن ما أقنعتنيش.
بس كان عندي فضول اجربها. مش ناوي اعيش حياتي كده. بس ناوي أجرب لمدة أسبوع.
وكانت المفاجأة.
نومي فعلاً بقى أعمق. بقيت أصحى نشيط. وما بقيتش أحس بانهيار الطاقة اللي كان دايما بيحصل معايا بعد العصر.
والمعلومة اللي كانت "مجرد فكرة" اتحولت "لقناعة شخصية جديدة" استمرت معايا الي الآن.
والسبب هو لأني عيشت النتيجة فعليا والتمست أثرها في طاقتي ومستوي تركيزي.
القناعة = فكرة + سلوك + نتيجة
الناس بتفتكر إن القناعة مجرد "رأي او فكرة بتتكرر في دماغنا".
لكن الحقيقة ان القناعة مزيج مترابط من فكرة وسلوك ونتيجة.
فكرة: زي " شرب القهوة بعد الساعة ٣ بتأثر علي صحتي سلبا"
سلوك: إنك تبطل تشرب قهوه بعد الساعة 3 لمدة اسبوع.
نتيجة: نوم أعمق وتركيز وطاقة اعلى.
ظهور نتيجة او مؤشرات ايجابيه لسلوك جديد، يعتير بذرة قناعة جديدة.
تكرار السلوك وتكرار النتيجة بيعملوا علي ترسيخ القناعة ومع الوقت السلوك يبقي تلقائي.
يعني مش كفاية تسمع معلومة مفيدة. لازم تجرب لمدة اسبوع علي الأقل، تعطل حكمك عليها لمدة اسبوع. وبعد اسبوع من التجربة العملية تتأمل الفرق اللي حصل عشان تلاحظ النتيجة، وتحسّها بنفسك.
المغزى إن القناعة حلقة متصلة: فكرة تقود لسلوك، وسلوك يجيب نتيجة، والنتيجة تأثر على الفكرة من جديد. علشان كده تغيير القناعة بيحصل لما نكسر الحلقة دي عند أي نقطة منها – سواء ندخل فكرة جديدة إيجابية، أو نغير في السلوك ونجرب حاجة مختلفة فتطلع نتيجة جديدة تغيّر نظرتنا.
حدث قناعاتك بتجارب ذكية مؤقتة
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) مثلًا بيستخدم مبدأ “التجربة العملية” عشان يغيّر المعتقدات السلبية. المعالجين بيخلّوا الشخص يقوم بـ سلوك أو تجربة فعلية يختبر بيها صحة أفكاره بدل ما يفضل يتناقش نظري فيها. الدراسات بتأكد إن لما ننقل النقاش النظري لأرض الواقع في صورة تجربة حقيقية، الشخص بيقدر يشوف الأمور أوضح ويعدل اعتقاده بشكل إيجابي.
باختصار: السلوك يغيّر الفكرة. لما تعمل حاجة وتلاقي نتيجتها عكس توقعك السلبي، قناعتك هتهتز وتتغير أكتر بكتير مما لو حد قعد يقنعك بالكلام بس.
تجربة اسبوع اسهل كتير من التزام مدي الحياة
عقلولنا بتقاوم فكرة التغير المطلق. يعني مش هبقي عايش طول حياتي بشرب قهوة وقت ما احب وفجأه اقرر ان هبطل اشرب قهوة بعد الساعة 3. وانا اصلا مش متأكد ولا عندي دليل عملي انها اصلا حاجة مفيدة.
لكن لما اقول اني هجرب بس لمدة اسبوع بعدين اسيب النتيجة هي اللي تحكم، هنا اصبح عندي فضول اعرف، كما لو اني شوفت حاجة عجبتني وعايز اجربها بس بغرض استكشافها، هنا المقاومة بتكون اقل بكتير.
عشان كده بسميها تجارب ذكية مؤقتة لتحديث القناعات.
ممكن تفكر ان حتي الالتزام لمدة اسبوع شئ صعب عليك. فكر فيها بالشكل ده..
حياة الانسان فيها حوالي 4600 اسبوع ده علي اعتبار ان ربنا مطول في عمره لبعد الـ 85 سنة.
القناعات اللي عندك دلوقتي بتحدد السلوكيات اللي انت هتقضي بيها حياتك كلها الا اذا غيرت بعضها للافضل ساعتها بس قراراتك وسلوكياتك ونظرتك للأمور كمان هتتغير للأفضل يعني لو اخدت في عين الاعتبار التأثير التراكمي علي مدار السنين فنقدر نقول انه حياتك كلها ممكن تتغير لمسار مختلف تماما بسبب تغيير بعض القناعات.
تخيل بقي ان كل ده متوقف علي اسبوع واحد من التنفيذ العملي لمعلومة واحدة.
تنفيذ لمدة اسبوع هيوصلك لنتيجة ايجابية تخليك تعيد تكرار السلوك، او هيوصلك لنتيجة سلبية تساعدك تجرب طريقة مختلفة. بس الفكرة انك طول الوقت بتجرب وبتسيب النتيجة هي اللي تحكم. ومش محتاج اكتر من اسبوع في معظم الحالات عشان تشوف الأثر اللي يخليك تقرر ايه الأفضل ليك.
لو عايز تبدأ تبني قناعة جديدة جرب الطريقة دي:
عرض عقلك لأفكار افضل: اقرأ كتب، احضر كورسات، اتعلم من المتخصصين في حاجه عايز تحققها او مشكلة بتحاول تحلها لحد ما تلقي معلومة مقنعه تدخل دماغك وتصحي فيك شوية فضول.
حدد سلوك منسجم مع المعلومة: حول المعلومة لسلوك تطبيقي تجربة كل يوم لمدة اسبوع وعطل حكم عليها لنهاية الأسبوع.
قيم التجربة بالنتيجة: بعد الأسبوع، اقعد مع نفسك وتأمل ايه اللي اتغير للأفضل. مهم تبص للمؤشرات الصغيرة مش الإنجازات الضخمة.
هل منظورك بدأ يتغير؟ اتعلمت عن نفسك حاجة جديدة؟ طاقتك زادت؟ بقي عندك امل في التغيير؟ بقي عندك رغبة تحاول؟ نفسيتك اتحسنت؟ وهكذا…
اتأمل الفرق بعقل منفتح عنده فضول يعرف ويلاحظ الاختلاف.
لولاحظت تغيير ايجابي نتيجة التجربة، امسك في السلوك ده بايديك وسنانك، لانه مع الوقت هيغيرك للنسخة الافضل من نفسك وهيمتد أثره الإيجابي لكل جوانب حياتك حتي وانت مش واخد بالك.
الخلاصة
التجربة العملية هي أقوى سلاح لتغيير أي قناعة أو عادة سلبية جوانا. لما بنجرب بنفسنا ونشوف بعنينا النتيجة – سواء ايجابية، أو سلبية بنتعلم اسرع وبنقدر نحكم صح. تأثير التجربة علي القناعات بيكون أضعاف الكلام النظري.
القناعة منظومة من فكرة وسلوك ونتيجة كلها بتأثر في بعض. عشان كده، لو عايز تغير قناعاتك أو تطوّر من نفسك، ما تكتفيش بالقراءة واستهلاك المحتوي وخلاص. لابد من التجربة العملية.
حول المعلومات لتجارب، عيشها لمدة اسبوع وانت عندك فضول تعرف النتيجة، ساعتها هتلاقي أفكارك واتجاهاتك بتتغير تلقائي وبشكل أعمق لانها نابعة من نتائج تجاربك الشخصية. وزي ما بنقول بالبلدي: التجربة خير دليل.
ده كل اللي حبيت أشاركه معاك لحد ما نلتقي في مقال جديد الأسبوع القادم إن شاء الله :)
سجل بريدك الالكتروني عشان يوصلك بمجرد نشره :)
لحجز جلسة كوتشنج اضغط هنا
قناتي علي يوتيوب اضغط هنا